السعر الأصلي هو: $5.99.$4.99السعر الحالي هو: $4.99.
في هذا الكتاب: بلاغة العرب في الأندلس، للدكتور أحمد ضيف يحاول المؤلف الكلام عن بلاغة العرب في الاندلس حيث كان لعرب الاندلس أدب رائع، وشعر بليغ، ونثر بديع، وسعة في الخيال، وقدرة على الابتكار. وكانت دولة الادب هناك فى عز مجدها وأزهى عصورها، وساحاته غاصة بالشعراء والكتاب فى كل فن من فنون البيان، أو مذهب من مذاهب البلاغة.
ومن عجائب علمهم وغرائب نظمهم ونثرهم مما هو أحلى من مناجاة الأحبة بين التمتع والرقبة، وأشهى من معاطاة العقار، على نغمات المزاهر والاوتار لأن رؤساء هذه الجزيرة كانوارؤساء خطابة، ورؤوس شعر وكتابة. ترفقوا فآ سوا البحر واسترقوا فأدركوا الشمس بالبدر. وذهب كلامهم بين رقة الهواء وجزالة الصخرة الصماء.
فالاندلس عراق المغرب عزة انساب ورقة آداب و اشتغالا بفنون العلم وافتنانا في المنثور والمنظوم، لم تضق لهم فى ذلك ساحة، ولا قصرت عنه راحة… وهم أشعر الناس فيها كثره الله فى بلادهم وجعله نصب أعينهم، من الاشجار والانهار والاطيار، لا ينازعهم أحد في هذا الشأن… وأما اذا هب نسيم. ودار كاس في کف ظبي رخيم. وصفق للماء خرير. أو راقت العشية وخلفت السحب ابرادها الفضية والذهبية. أو تبسم عن شعاع ثغر نهر، أو ترقرق بطل جفن زهر. أو خفق بارق. أو وصل طيف طارق. أو وعد حبيب فزار من الظلماء تحت جناح، وبات مع من يهوى كالماء والراح… فؤلئك هم السابقون الذين لا يجارون ولا يلحقون. وليسوا مقصرين بالوصف اذا تقعقع السلاح، وسالت خلجان الصوارم بين خلجان الرماح. وبنت الحرب من العجاج سماء. واطلعت شبه النجوم اسنة واجرت شبه الشفق دماء… وقد أعاتهم على الشعر أنسابهم العربية. وبقاعهم النضرة وهممهم الابية…
فكان لهؤلاء الكتاب والشعراء أثر عظيم في اللغة العربية وآدابها، ولاسيما ما ابتكروه من أنواع المعاني والخيال في النظم والنتر لذلك رأينا أن نذكر هنا شيئاً من هذا. وبدأنا كلامنا بفصول موجزة عن تاريخ العرب وحضارتهم في الاندلس، حتى لا يحرم من لا يريد أن يكلف نفسه الاطلاع على ذلك من أن يستفيد من هذا الايجاز ولكنا لم نقصد من هذا الكتاب أن يكون تاريخا جامعا لأدب العرب و بلاغتهم في الاندلس، ذلك لم يكن من غرضنا الآن.
وانما أردنا أن نجمع طائفة قليلة من الشعراء والكتاب المعروفين هناك، ونورد شيئا من منظومهم ومنثورهم وتتكلم عما لهم من الآثار الفنية في شعرهم ونثرهم، لنفتح على طلاب الأدب وتلاميذ المدارس بابا من أبواب الفهم والبحث في بلاغة العرب. فاذا وفقنا الله الى العودة في هذا الموضوع كانت لناجولة أوسع من هذه. والله المسئول أن يرتدنا الى الصواب.
القاهرة فى ذى القعدة سنة ١٣٤٢ الموافق شهر يونيه سنة ١٩٢٤ م أحمد ضيف